المشاركات

سلطة المعلن وهيمنة تسويق المؤثرين

  الباحث والمهتم في علم الاتصال يدرك أن دور الوسيلة لا يقتصر فقط على تمكين المرسل من إيصال رسالته إلى الجمهور، وإنما يمتد إلى ما هو أعمق وأبعد من ذلك كظهور أشكال اتصالية جديدة، إنتاج لغة هجينة، وإبراز نخب ورموز بديلة ... كانت الوسيلة وما زالت تعتمد على المحتوى لتنمو وتزدهر، وتبحث عن المستثمر لتواصل وتتطور. ولسوء حظ الوسيلة أنها دائما ما تقع أسيرة في غرام المعلن. على مر الزمان، لم تتعلم الوسيلة من الدرس ولم تتغير أطباع المعلن. يمتلك المعلن شخصية براغماتية، محايد في عواطفه، لا يبالي بمستقبل ومصير الوسيلة ومنحاز لمصلحته. كما أنه لا يهتم بجودة محتوى الوسيلة بقدر ما يهتم بحجم ونوع جمهورها المستهدف وعائد الاستثمار للإعلانات. لذلك، تجده ينتقل من وسيلة لأخرى بحثا عن الكفاءة والتي تتمثل في خفض تكلفة الإعلان، رفع دقة الاستهداف، وسهولة قياس الأثر . عندما تأكد المعلن من توفر شروط الكفاءة في منصات التواصل الاجتماعي، لم يتردد لحظة في التخلي عن الوسائل التقليدية. لكن المعلن هذه المرة قرر أن يكتشف فرص استثمارية جديدة، تتوفر فيها شروط الكفاءة وتمنحه مميزات إضافية. على عكس الوسائل التقليدية، تمتاز

تسويق المؤثرين (4)

  الأنظمة والتشريعات التي تضبط ممارسة تسويق المؤثرين: في الولايات المتحدة الامريكية تشرف منظمة التجارة الفدرالية على ممارسة تسويق المؤثرين، وقد أصدرت مجموعة من الأنظمة عام 2013، لحماية المستهلك من الممارسات المضللة. حيث تلزم المنظمة المؤثر بضرورة وضع عبارة إفصاح توضح للمستهلك طبيعة العلاقة بينه وبين الشركة المعلن عن منتجاتها. وفي عام 2017، قدمت المنظمة دليل إرشادي للمؤثرين يوضح بالتفصيل طريقة ولغة الإفصاح الواجب اعتمادها من قبل المؤثرين، ويُحمل الشركات المعلنة مسؤولية تذكير المؤثر بوضع عبارة الإفصاح المناسبة في المحتوى الترويجي. في عام 2018، نشرت المنظمة تحديثات على دليل تنظيم ممارسة تسويق المؤثرين، والتي تهدف إلى رفع وعي المؤثر بواجباته وكيفية الإفصاح عن المحتوى الترويجي، ولحماية المستهلك من الممارسات غير الأخلاقية. ومن أبرز  النقاط التي جاء بها الدليل الإرشادي المحدث: 1-   توجيه المؤثر بعدم الادعاء بتجربة المنتج في حال عدم تجربته له. 2-  توجيه المؤثر بتجنب خداع المستهلك من خلال ذكر ايجابيات أو مواصفات غير موجودة في المنتج المعلن عنه. 3-   توجيه المؤثر بعدم الادعاء بقدرة المنتج عل

تسويق المؤثرين (3)

صورة
أهداف الترويج عبر المؤثرين: وفقاً لتقرير نشرته جمعية المعلنين الوطنيين ( Association of National Advertisers )، الشركات تعتمد على تسويق المؤثرين لتحقيق أهداف متنوعة. حيث تمثل زيادة الوعي بالعلامة التجارية الهدف رقم واحد بالنسبة للغالبية العظمى من المشاركين في الاستفتاء. في حين تمثل صناعة المحتوى ونشره الهدف الثاني للشركات التي تعتمد على المؤثرين في برامجها الترويجية. وقد كشف التقرير عن أن تحسين صورة العلامة التجارية يمثل الهدف الرابع للشركات وزيادة المبيعات يمثل الهدف الخامس.  وقد عرض التقرير أهداف تسويق المؤثرين وفقاً للترتيب التالي: 1-   رفع الوعي العام بالعلامة التجارية. 2-   صناعة المحتوى ونشره. 3-    تحسين صورة العلامة التجارية. 4-   زيادة المبيعات. 5-    تغطية الأحداث والمناسبات العامة للشركات والترويج لها. 6-   تنشيط حركة زوار الموقع الالكتروني الرسمي للشركة. 7-   تعزيز ولاء العملاء. 8-   تحسين صورة العلامة التجارية في ذهن الجمهور المستهدف. 9-   تحسين محركات البحث ( SEO ). 10-   جمع بيانات عن العملاء. الوظائف الترويجية التي يقوم بها المؤثر في ممارسة ت

تسويق المؤثرين (2)

  أنواع المؤثرين في منصات التواصل الاجتماعي: على الرغم من أن ممارسة تسويق المؤثرين تعتبر ظاهرة حديثة نسبياً، إلا أنها تتطور بشكل متسارع ومتواصل. حيث يضم الإنترنت مجموعة من المواقع الإلكترونية المهتمة بممارسة تسويق المؤثرين والتي تقدم مجموعة من الخدمات للمؤثرين، تسهل عملية الاتفاق بين العميل والمؤثر، وتوفر قاعدة بيانات ضخمة بعدد المؤثرين وفئاتهم. على سبيل المثال/ تحتوي قاعدة بيانات منصة Upfluence على 1.2 مليون مؤثر وقد تم تصنيفهم في 250 فئة. في حين تضم قاعد بيانات موقعي Captiv8 و Mavrck على أكثر من مليوني مؤثر. تشير التقارير بأن هناك قرابة 5 الأف مؤثر في المملكة العربية السعودية، منهم 750 صانع محتوى نشط على مختلف وسائل التواصل.  غالبًا ما يرتبط المؤثر بجيل الألفية في فئات مثل الملابس، مستحضرات التجميل والسياحة، لكن يوجد مجموعات واسعة من الأعمار وفئات المنتجات. المثير للدهشة أن ممارسة تسويق المؤثرين تضم أيضا مجموعة من الحيوانات الأليفة التي كسبت شهرة عالية على منصات التواصل، مثل/ Loki the Wolfdog ( Loki )، حيث يبلغ عدد متابعيه على منصة الإنستقرام 2 مليون.   بالإضافة إلى حسابات ال

تسويق المؤثرين (1)

  مقدمة: مؤخراً برز مصطلح تسويق المؤثرين بين الأكاديميين والممارسين في مجال الاتصال التسويقي والتسويق، والذي يصف تلك الممارسة التي تعتمد فيها العلامات التجارية على صناع المحتوى في منصات التواصل الاجتماعي. وذلك من أجل الحديث عن نشاط الشركة أو منتجاتها في حساباتهم الشخصية بشكل ضمني أو مباشر، أو للمشاركة في وضع استراتيجيات صناعة المحتوى أو طريقة إدارة الحساب. يقصد بالمؤثر في هذا السياق، ذلك الشخص الذي يقدم محتوى جذاب غير تقليدي على وسائل التواصل الاجتماعي، ويتفاعل بانتظام مع متابعيه للإجابة على تساؤلاتهم، ولتعزيز صورته وعلاقته بهم، وللظهور بصورة الخبير. المعلومات المتاحة حول الممارسة باللغة العربية كثيرة، لكن بعضها غير دقيق والبعض الآخر غير حديث. لذا سأسعى من خلال هذه التدوينات إلى تقديم معلومات علمية حديثة حول الممارسة، والتي أتمنى أن تفيد وتجيب على بعض من تساؤلات المختصين أو المهتمين في مجال الاتصال التسويقي. العوامل التي ساهمت في بروز ممارسة تسويق المؤثرين: النمو المتسارع لمستخدمي الأنترنت والتطور السريع لمنصات التواصل الاجتماعي أفرز العديد من الفرص والخيارات الترويجية للشركات، ل

إدارة التوقعات

صورة
  يتقلب الإنسان ما بين السعادة والشقاء وما بين الراحة والعناء طيلة حياته. ويستهلك طاقته في البحث والسعي نحو السعادة أو تجنب الشقاء على أقل تقدير. لكن حياته ليست إلا مجرد انعكاس لتلك المشاهد التي يطيل النظر أو التفكير فيها. فيمكث المرء لحظة مع السعادة ولحظات مع الشقاء، فقد استنتج عالم النفس دانيال كانمان بعد إجراء دراسات عديدة، أن دافعية الإنسان نحو تجنب الخسائر أقوى بكثير من دافعيته نحو تحقيق المكاسب… السعادة أمر نسبي ومفهوم يتبدل مع تغير الزمان والمكان وحجم التوقعات الشخصية. فكم من شقي بسعادته وكم من سعيد بشقائه، وقد صدق المتنبي عندما قال: ذو العَقلِ يَشقَى في النّعيمِ بعَقْلِهِ … وَأخو الجَهالَةِ في الشّقاوَةِ يَنعَمُ .  ومن سوء حظ السعادة أنها غالباً ما تقع ضحية لهيمنة التوقعات المفرطة في التفاؤل . فكم من تعيس حالت التوقعات بينه وبين سعادته وكم من سعيد تواطأت توقعاته مع تعاسته. فالسعادة والتعاسة شعور، ولكي تسعد عليك أن تستشعر الموجود قبل أن يأتي المفقود، وأن تتأمل في قيمة الأشياء وجوهرها لا في ثمنها أو مظهرها. فكم من سعادة تألمت ورحلت من قلة الشعور والاهتمام بها، وكم من تعاسة بقت

بناء قصة العلامة التجارية

صورة
هذه التدوينة هي عبارة عن ترجمة وتلخيص لكتاب بناء قصة العلامة التجارية (Building a story brand) للمؤلف الأمريكي دونالد ميلر. يفترض المؤلف أن السبب خلف فشل كثير من الشركات وخروجها من المنافسة ثم من السوق يعود الى عدم فهمهم لحاجات المستهلك بشكل شامل ودقيق ، بالإضافة إلى تصميمهم لبرامج ترويجية ضعيفة فاقدة للمعنى الحقيقي الذي يبحث عنه المستهلك. كما أكد المؤلف على ضرورة فهم هرم ماسلو جيدا من قبل كل ممارس، حتى يتمكن من استيعاب طبيعة حاجات ورغبات الجمهور المستهدف لكل منتج، حيث يفترض أن كثير من الشركات غير قادرة على إيصال الفائدة الجوهرية لمنتجاتها التي تساعد المستهلك على البقاء والازدهار. يقول أن الشركات الناجحة هي بالضرورة تلك التي استطاعت أن تحدد حاجة المستهلك، تعرفت على التحديات التي يواجهها المستهلك، ثم وفرت لعملائها منتجات تساعدهم في التعبير عن أنفسهم. تقريباً أغلب القصص تحتوي على شخصية (البطل) الذي يريد أن يحقق أو يحصل على هدف ما، لكن يواجه مشكلة تمنعه من تحقيق هدفه وبعد معاناة يظهر له شخص (حكيم، خبير، إلخ..) يمنحه أمل وخطة تساعده في تحقيق هدفه ويدفعه إلى