تسويق المؤثرين (1)
مقدمة:
مؤخراً برز مصطلح تسويق المؤثرين بين الأكاديميين والممارسين في مجال الاتصال التسويقي والتسويق، والذي يصف تلك الممارسة التي تعتمد فيها العلامات التجارية على صناع المحتوى في منصات التواصل الاجتماعي. وذلك من أجل الحديث عن نشاط الشركة أو منتجاتها في حساباتهم الشخصية بشكل ضمني أو مباشر، أو للمشاركة في وضع استراتيجيات صناعة المحتوى أو طريقة إدارة الحساب. يقصد بالمؤثر في هذا السياق، ذلك الشخص الذي يقدم محتوى جذاب غير تقليدي على وسائل التواصل الاجتماعي، ويتفاعل بانتظام مع متابعيه للإجابة على تساؤلاتهم، ولتعزيز صورته وعلاقته بهم، وللظهور بصورة الخبير. المعلومات المتاحة حول الممارسة باللغة العربية كثيرة، لكن بعضها غير دقيق والبعض الآخر غير حديث. لذا سأسعى من خلال هذه التدوينات إلى تقديم معلومات علمية حديثة حول الممارسة، والتي أتمنى أن تفيد وتجيب على بعض من تساؤلات المختصين أو المهتمين في مجال الاتصال التسويقي.
العوامل التي ساهمت في بروز ممارسة تسويق المؤثرين:
النمو المتسارع لمستخدمي الأنترنت والتطور السريع لمنصات
التواصل الاجتماعي أفرز العديد من الفرص والخيارات الترويجية للشركات، لكن لكل
خيار مميزات وعيوب تجبر الشركات على البحث عن بديل أكثر فعالية وأقل عيوب.
الدراسات الحديثة تشير إلى توفر خمسة عوامل ساهمت في اقبال المسوقين والشركات على ممارسة
تسويق المؤثرين:
1- عزوف المستهلكين عن استخدام وسائل الإعلام التقليدية
التي لم تعد تشبع رغباتهم ولا تلبي احتياجاتهم، والاقبال الشديد على الوسائل
الحديثة التي تمنحهم حرية الاختيار والتجربة وفرصة المشاركة والتعبير عن وجهات
نظرهم. كما منحتهم القدرة على اكتشاف مهاراتهم وامكانية تحويلها إلى مصدر من مصادر
الدخل. بالإضافة إلى تسهيل عملية التواصل وتشكيل مجتمعات افتراضية تلبي طموحات أعضائها
وتعزز لديهم الشعور بالانتماء.
2- يتفاعل المستهلك بشكل مختلف مع الإعلانات عند
تصفحه للإنترنت. وقد كشفت الدراسات عن أن المستهلك ينفر من الإعلانات عندما يكون
موجه جل تركيزه نحو هدف محدد. وبما أن المستهلك يلجأ للإنترنت غالباً من أجل
التسلية والتواصل أو البحث عن معلومة، بات المسوقين والشركات يواجهون صعوبة في
صناعة الإعلان في البيئة الرقمية. حيث يقدر بأن هناك قرابة 2 مليار جهاز يحتوي على
تطبيقات لحجب الإعلان الإلكتروني. لذلك أخذوا
يبحثون عن طرق وأساليب للإعلان أكثر واقعية وأقل تشتيت.
3- يقضي المستهلك جزءًا كبيرًا من يومه في
الإنترنت على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي حقيقة لا تقتصر فقط على جيل الألفية أو
جنس دون الأخر. حيث تعد منصات التواصل منتديات مفتوحة يبحث البعض فيها عن الترفيه
أو المعرفة ويتنافس البعض على كسب أكبر قدر ممكن من الجماهير. لذا يقومون بإجراء
تجارب ميدانية لمحتواهم لاختبار ردود الفعل وحجم التفاعل مع نتاجهم الترفيهي أو
المعلوماتي، ويؤدي ذلك إلى ظهور مواهب مقنعة للغاية وغالبًا ما يُنظر إليها على
أنها أكثر أصالة وإبداعًا من المحتوى الذي تقدمه العلامات التجارية.
4- تمنح وسائل التواصل الاجتماعي المستهلك فرصة
الحصول على معلومات وتجارب شخصية حول منتج محدد، والتي تمكنه من النظر والتقييم قبل
اتخاذ القرار النهائي. لذا هذه المرحلة تتطلب محتوى خفيف وغير مباشر، ولكن أكثر
تواتراً للمعلومات المتعلقة بالمنتجات والعلامات التجارية.
5- أخيرًا، سهل الإنترنت للمستهلك -وتحديدا منصات
التواصل- امكانية التجمع والالتقاء الافتراضي بأشخاص يشاركونه الاهتمامات. وقد ساعد
ذلك في ظهور شكل جديد من المؤثرين الذين يملكون المهارات التي تساعدهم على فهم
احتياجات ورغبات الجمهور، والقدرات التي تمكنهم من تلبية الحاجات واشباع الرغبات.
النشاط الترويجي على وسائل
التواصل الاجتماعي يتطلب مشاركة واستجابة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع،
فضلاً عن الحاجة إلى وجود استراتيجيات ترويجية سلسة تتسم بالذكاء والديناميكية في
الاستجابة لأنماط الجمهور المستهدف واستغلال المواضيع الشائعة. لذا قام بعض المسوقين
بأخذ جزء من السيطرة على البرامج الترويجية خارج وكالات الدعاية والإعلان ومنحوها
إلى المؤثرين للاستفادة من مهاراتهم واتصالاتهم الوثيقة بالجمهور المستهدف. وقد
أدى ذلك إلى ظهور مجموعة قوية من المؤثرين تتوسع بشكل ملحوظ وساهمت في تشكيل
الصورة الحالية للترويج الإلكتروني.
...
تعليقات
إرسال تعليق