إدارة التوقعات

 


يتقلب الإنسان ما بين السعادة والشقاء وما بين الراحة والعناء طيلة حياته. ويستهلك طاقته في البحث والسعي نحو السعادة أو تجنب الشقاء على أقل تقدير. لكن حياته ليست إلا مجرد انعكاس لتلك المشاهد التي يطيل النظر أو التفكير فيها. فيمكث المرء لحظة مع السعادة ولحظات مع الشقاء، فقد استنتج عالم النفس دانيال كانمان بعد إجراء دراسات عديدة، أن دافعية الإنسان نحو تجنب الخسائر أقوى بكثير من دافعيته نحو تحقيق المكاسب…

السعادة أمر نسبي ومفهوم يتبدل مع تغير الزمان والمكان وحجم التوقعات الشخصية. فكم من شقي بسعادته وكم من سعيد بشقائه، وقد صدق المتنبي عندما قال: ذو العَقلِ يَشقَى في النّعيمِ بعَقْلِهِ … وَأخو الجَهالَةِ في الشّقاوَةِ يَنعَمُومن سوء حظ السعادة أنها غالباً ما تقع ضحية لهيمنة التوقعات المفرطة في التفاؤل. فكم من تعيس حالت التوقعات بينه وبين سعادته وكم من سعيد تواطأت توقعاته مع تعاسته. فالسعادة والتعاسة شعور، ولكي تسعد عليك أن تستشعر الموجود قبل أن يأتي المفقود، وأن تتأمل في قيمة الأشياء وجوهرها لا في ثمنها أو مظهرها. فكم من سعادة تألمت ورحلت من قلة الشعور والاهتمام بها، وكم من تعاسة بقت وازدهرت من طول التفكير بها أو كثرة الحديث عنها…

يحيا الإنسان بالأمل والطموح، ويمنحه التوقع وهم التحكم والسيطرة ويضفي على حياته شيء من المتعة. فالتوقع وقود الأمل وبدونه يفقد لذة العمل، لكن المبالغة في التوقع حلم يحوله الواقع الى كابوس مرير. حيث يصبح الفرد أسير لما يملي عليه التوقع، فالربح يتحول إلى خسارة والخسارة تتحول إلى ربح عندما لا تسير الحياة كما تصور أو توقع. يقول دانيال كانمان: صورة العالم في عقولنا تختلف عن صورة العالم في الواقع، فشيوع وشدة الرسائل التي نتعرض لها تشوه توقعاتنا. ولكي نتجنب الشقاء في هذا العالم المتسارع والمتجدد، علينا أن ندير توقعاتنا ونحميها من التشوه. نديرها من خلال فلترة الرسائل التي نتعرض لها، تحديد سقف موضوعي لطموحاتنا وآمالنا، وتجنب الأشخاص السلبيين في حياتنا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مستقبل علم الاتصال التسويقي

بناء قصة العلامة التجارية

الأشكال الحديثة للأدوات الترويجية