الإعلان بين إثارة الانتباه وخلق العادة



يتساءل البعض عن مدى تأثير الإعلانات على سلوك الفرد، في حين يتساءل البعض الأخر عن جدوى دراسة علم الإعلان. لذا سأسعى من خلال هذه المقالة إلى تقديم بعض المفاهيم التي تمثل جوهر العملية الإعلانية.

يهدف الإعلان في الغالب إلى التأثير على سلوك المستهلك وأفكاره وتوجهاته، ولتوضيح كيفية التأثير على السلوك لابد من شرح الفرق بين السلوك الاستهلاكي والسلوك الروتيني(العادة). السلوك الاستهلاكي هو استجابة الفرد للمثيرات الخارجية المختلفة، في حين السلوك الروتيني يحدث بشكل تلقائي غير واعي وذلك نتيجة لتكرار وتعزيز السلوك الاستهلاكي. لذا يسعى الإعلان في تقديم المنتجات (سلع، خدمات، أفكار) إلى إثارة السلوك الاستهلاكي لدى الفرد سواء كان من خلال التركيز على حاجات المستهلك أو رغباته. وعند نجاح الإعلان في جذب انتباه المستهلك والتأثير على سلوكه يكمن هنا دور المنتج في تلبية حاجة المستهلك وإشباع رغباته. وإذا تحقق ذلك يتحول دور الإعلان من إثارة للسلوك الاستهلاكي إلى تشكيل السلوك الروتيني. وذلك عبر الإعلانات التذكيرية المتكررة وهذا ما يفسر الحملات الإعلانية الدائمة لشركة بيبسي وكوكا كولا حيث تسعى إلى تعزيز السلوك الروتيني من خلال ربط استخدام المنتج في تحقيق إشباعات متعددة كالمرح، الفرح، المشاركة وغيرها. ولكن السؤال الأهم هنا هل بمقدور الإعلان تغيير السلوك الروتيني؟

للإجابة على هذا السؤال لابد من معرفة وفهم مكونات السلوك الروتيني. يقول تشارلز دويج في كتابه "قوة العادات" بأن العادة أي السلوك الروتيني عبارة عن حلقة تتكون من ثلاثة عناصر وهي مثير، سلوك، ومكافأة. على سبيل المثال/ المدخن يثير سلوكه مثيرات متعددة كالسعادة، الغضب، السفر، جمعة الأصدقاء وغيرها من المثيرات، لذا يدخن (سلوك) ليحصل على المكافأة التي قد تكون الشعور بالراحة، الحرية أو حتى الانتماء. وبالتالي يصعب علية التوقف عن التدخين لأن السلوك الروتيني يمكن تبديله ولا يمكن إلغاءه. وذلك من خلال تبديل السلوك بأخر له نفس المثير ويحقق المكافأة المنشودة. أما بالنسبة لقدرة الإعلان على تغير السلوك الروتيني، فعلى الرغم من صعوبة ذلك إلا أنه غير مستحيل، فقد قدم ريتشارد شوتون في كتابه "مصنع الاختيار" عدد من الأساليب التي يمكن تطبيقها. وهنا يكمن دور الدراسة والبحوث التي نتعرف من خلالها على سلوك المستهلك، دوافعه الاستهلاكية، والحاجات أو الإشباعات المنشودة. 


المراجع:



Duhigg, C. (2012). The power of habit. New York, N.Y.: Random House.

Shotton, R. (2018). The choice factory. Petersfield, Hampshire: Harriman House Ltd.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مستقبل علم الاتصال التسويقي

بناء قصة العلامة التجارية

الأشكال الحديثة للأدوات الترويجية