وش يقولون الناس عنا
في كتاب (التأثير: سيكولوجية الإقناع) للبروفيسور روبرت سيالديني الكاتب والباحث في علم النفس الاجتماعي، قدم المؤلف ستة مبادى أساسية للتأثير ولفعاليتها أسماها أسلحة التأثير. للحديث عنها يتطلب العديد من المقالات ولكن ليتحقق الغرض الأساسي من هذا المقال، سأتحدث عن مبدأ واحد من هذه المبادئ الست (مبدأ القبول أو البرهان الاجتماعي).
يفسر هذا المبدأ السبب أو الدافع خلف قيام أفراد المجتمع ببعض التصرفات أو امتناعهم عن بعضها. لعل من أبرز الأمثلة الشائعة في مجتمعنا هو قول (وش يقولون الناس عنا)، عند امتناع فرد من أفراد الأسرة عن القيام بسلوك معين أو عند قيامه بسلوك غير مقبول اجتماعياً. وعند إصرار الفرد على فعل سلوك محدد غالباً ما يقوم هو بدوره باستخدام نفس المبدأ معللاً سلوكه بقوله: (كل الناس يسوون كذا). والقائمة تتسع وتطول ويزداد تعقيدها حتى أن ذائقة الفرد وآراءه وسلوكياته ليست من صنع مجتمعه فحسب، حيث أن استخدام المبدأ ليس حصراً على أفراد المجتمع، ولكن حتى الشركات والمنظمات في رسائلها الترويجية التي تستهدف شريحة واسعة من المجتمع غالبا ما تستخدم هذا السلاح الفعال للتأثير. لذا تجد عند دخولك لأحد المكتبات عبارة (الأكثر مبيعاً) بالبنط العريض معلقة على رف يحمل على ظهره مجموعة من الكتب لهدف اقناعك والتأثير على قرارك الشرائي، وكأن هذه الجملة برهان علمي بأهمية هذه الكتب وجودة محتواها. أما في المتاجر الالكترونية تجد بجانب بعض السلع أو اللباس عبارة (الأكثر طلبا)، وكأنها تستحضر المثل الشعبي القائل: (كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس). طبعاً هذا إذا سلمنا حتى بسلطتك على ذائقتك في الأكل في ضل سطوة مواقع التواصل الاجتماعي ونفوذ محتوى المؤثرين مدفوع الثمن.
أتذكر قصة لطيفة حدثت لشاب بعد مشاهدته مقطع فيديو ترويجي لأحد مؤثري منصة سناب شات يثني فيه على جودة وتميز وجبات أحد مطاعم الوجبات السريعة، قرر هذا الشاب الأكل مرة أخرى في ذلك المطعم على الرغم من أن تجربته الأولى لم تكن مرضية. لذلك يمكن القول بأن سطوة القبول الاجتماعي لا مخرج منها ولا مفر، لكن فهم المبدأ يجعل منك مؤثر لا متأثر أو في أضعف الحالات أقل تأثرا.
المرجع:
Cialdini, R. (1985). Influence: the psychology
of persuasion. New York: Quill.
تعليقات
إرسال تعليق